كان رئيســـا للوزراء

سربت الصحافة الموالية لرئيس الوزراء خبراً يدرس فيه تقديم استقالته من منصبة وعودته إلي صفوف الشعب أو ربما استقال بالفعل ومازال هنالك لبس وذلك بسبب اختلاف في وجهات النظر تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية , ويعتزم أن يلقي خطاباً جماهيرياً يجتمع فيه باركان حزبه وأنصاره يخبرهم بعظيم صنعه ، فهو حمامة للسلام والأمن والاستقرار والصدق والعدل والأمان الذي كان يرفرف على سدة الحكم ، يلقي خطابه منتصبا عابسا ضاحكا متلونا حسب الموقف يخبرهم بأنه رفض الرشوة ورفض المؤامرة وأنه سباق للخير دائما وان رصيده داخل بنوك الوطن بقي دون زيادة وبإمكان الجميع أن يطلع على حساباته ، أما الرئيس فكان يسترق السمع من خلال هاتف رئيس الوزراء المحمول الذي قد اخترقته المخابرات ، اشتد غضبه وغيظه منه ودنى من مساعديه وعزم النية على عقد مؤتمر صحفي ليقف ومن خلفه شعار الدولة وقلبه يرفرف حول ذلك الشعار ينعت رئيس الوزراء بأشد النعوت لأنه كان قد تعلم قصيدة شوقي في قديم الزمان عن الأسد ووزيره الحمار التي يقول فيها :
الليث ملك القفار وما تضم الصحاري     ســـــــعت إليه الرعايا يوماً بكــــــــل انكســــــــــــــــــار
قالــت: تعيش وتبقى  يا دامي الأظفار    مات الوزير فمن ذا  يسوس أمر الضواري؟
قال:الحمار وزيري ماذا رأى في الحمار   وخلفتـــــــه، وطـــــــــــــــارت بمضـــــــحك الأخبــــــــــار
حتى إذا الشهــر ولى كليلة أو نهــار      لم يشــــــــعر الليـــــــــــث إلا وملكــــــــــــــه في دمـــــــار
القرد عند اليمين والكلب عند اليسـار     والقــــــــــــط بيـــن يديــــــــــه يلــــهــو بعظـــــــمة فـــــــــار
فقال:من في جدودي مثلي عديم الوقار  أين اقتـــــــداري وبطشــــــــــي وهيبتــــــي واعتــــــباري
فجـاءه القرد سرا وقال بعـــد اعتـــذار ً     يا عالي الجـــــــــــــــاه فيـــــــــنا كن عـــــــالي الأنظـــار
رأي الرعية فيكم من رأيكم في الحمــــــــــــــار
ذلك لأن رئيس الوزراء ذاك كان يسرق من رأس مال الأمة , وقد نصحه الرئيس بان يسرق من الأرباح ، لأن ذلك أجدى وأكثر نفعا , لكن رئيس وزرائه لم يأخذ بنصيحة رئيسه فكان أن طلب رأي الرعية فيه ،هذه هي الحقيقة بحسب زعم الرئيس ، وأنه هو من أقاله وليس هو من استقال , معطيا مثلا بقوله لن يستطيع أحد أن يقيلني من منصبي إلا الله ويؤكد بالقطع لا وألف لا , وأظن أنني من الخالدين فعملي كله إصلاح وعدل وصلاح في توزيع الثروة على مرافقيً بل واسجن كل من تسول له نفسه بغيبتهم فهذا في الدين حرام ، ينتهي المطاف بتراشق الكلمات وتبادل اللعنات , والسباب بمختلف جمل العربية ناهيك عن المفردات , فقد اشتعلت الحرب بين رئيس الوزراء والرئيس معلنا أن الشعب هو الضحية والنتيجة تعادلت , وأنهم في نهاية الأمر في عرصة العرض يوم القيامة مجتمعون , وقد توضئا وأعليا راية السلام بينهما على أهات الأرامل وأنات الأمهات الثكلى وأحزان اليتامى , ونسيا أنهما كما يدعيا لهذا الوطن حافظان وأنهما عما فعلا مسئولان ، ودوام الحال من المحال ، فقد تكون اليوم في قصر يحيط بك خدمك وحشمك يبتسمون لقوتك ولبطشك ليس لك فهم مستفيدون , وغداً ما بين حرف الكاف والنون يكون في أسفل سافلين هكذا وعد رب العزة الظالمين ويستبدل أقواما بأقوام آخرين ولا تكونون كالذي إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم .