سقينا الذل أوعيةً , سقينا الجهل أدعيةً , مللنا السقي والساقي ,
فإما حياة تسر الصديق , وإما ممات يكيد العدا ؛ فلا نامت أعين الجبناء .

تقف حائراً أمام طفل يسألك بكل براءة لماذا فتح في الضفة وحماس في غزة ؟؟؟ , ويستطرد الكلام بأن غزة حررتها المقاومة , فمن للضفة ؟!!! ... ، للوهلة الأولى تعتبره تساؤلاً عابراً وربما نسخر من سائله سواء كان كبيراً أو صغيراً ، ويمكن أن يجيب البعض في براءة الطفل أو في خبث الكبار ؛ جاداً أو مازحاً وبكل سذاجة إنها السياسة القذرة ، وربما المتعاملين بها , ويعتقد آخر أننا القوة الأكبر في العالم , وأننا نمتلك من العتاد والعدة ما يجعلنا أقوى من هرقل والأباطرة من قبله وبعده , بل وأجنادهم , وأن حكامنا ملئوا سمائنا عدلاً لتفتح لهم الأرض ، وليخاطبوا سحبها , قائلين أمطري أنى شئت فإن خرجك قادم إليّنا , فغزة طهرت من فتح والضفة طهرت من حماس , وكأننا في مسرحية :" كاسك يا وطن " أو " حارة كل من إيدو إلو " , وصدق ما جاء في الآثار أو الحكمة من القول :" أكلت يوم أكل الثور الأبيض " ، وبقي الاحتلال جاثماً عليهما- الضفة والقطاع- بطيارته ودباباته وجنده وعتاده ، ولو تمعنت الأمر لعلمت الحقيقة المؤلمة التي أوردها مركز يافي 1989م للدراسات الإستراتيجية التي تقضي بضم غزة لمصر تدريجياً وضم الضفة للأردن , وهكذا انتصرت القيادات الفلسطينية العظيمة والكبيرة جداً جداً على شعبها معلنة انتصارها الساحق , حيث أن الاحتلال لم ينجح في ذلك سابقاً ونجحت هي لاحقاً ، وحققت له أمنية عزيزة عليه وغالية : إنها تقسيم شعبنا الفلسطيني ووطنه , وأنه أيضاً لم يستطع تهجير شبابنا  فاستطاعت هي ، وأنهم حققوا الرخاء لأبنائهم وأنهكوا شعببنا ، وأيم الله لقد حققوا لعدوهم ما أراد وسقينا الذل أوعيتا بل سقينا الجهل ادعيتا ومللنا السقي والساقي , كيف لا ؟؟! , والشرق والغرب يتقاذفنا بيد أبناء جلدتنا ، شئنا أم أبينا , كابرنا أم أيقنا , لأن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه أين الوطن الذي به يتغنى ؟! , وأين من تنبض قلبهم بحبه ؟؟! , لكن للبيت رب يحميه من فرعون وهمان وجنودهما اللذين كانوا خاطئين , وستأتي لحظة الحقيقة , وينتصر الشعب على جلاديه والحق على مغتصبيه ، فلا أصحاب المصالح تحرر الأوطان , ولا محبي الأضواء ولا بريقها ، ووا أسفاه كانت قياداتنا في السابق مضرب الأمثال حتى أن صلاح الدين لم يغتسل غسل نظافة حتى حرر القدس وأرض الإسلام ، والفرق كبير بين المقاتل والمقاول والمفاوض والمتنازل , إذ لا عزة لقيادة إلا إذا حققت لنا ما حققه السالفون من العظماء , فيا شعبي العظيم يا أهلنا وأبناءنا وإخواننا يا أيها الشرفاء الأماجد !!! , الوطن محتاج إليكم وضريبة تحريره غالية , فسطروا أسماءكم بين العمالقة على صفحات التاريخ وبين سطوره , وأعلنوا أن فلسطين دولة مسلمة عربية حرة متمردة على الظلم والظالمين , ومستعصية على كل العتاة المعتدين , والقادة المتجبرين , إذ لا مكان لهم بيننا , ولا على أرض وطننا من أبناء الجلدة أو الغاصبين , وأن المحتل حتماً إلي الغياهب مزؤوم , ومن الحياة محروم , وبالهزيمة مزطوم , مهما طال الزمان ، فيا أيها المحتل اعتبر ممن سبقك من المحتلين , فكذا سيفعل بأبناء الجلدة المتسلطين ، فالجراد على هذه الأرض مقيم , ولربما يكون يومهم قريب , فتكون دولتنا , التي لم يكن مثلها من قالت عن نفسها يوماً :" إنها إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس فغابت ، ولم تكن كما كانت " , بل وكانت دولتنا في ازهي زينتها ، وأبهى حلتها , وأحلى صورتها , فيا بني صهيون لا تغرنكم قوتكم اليوم , واعلموا أن للباطل جولة , وأن للحق ألف صولة وجولة , بل واعلموا أن الشعوب لا تموت ولا تنتهي , بل تتكاثر وتتوارث تاريخها وأمجادها , وهناك يعلم الذين ظلموا وأنتم منهم أي منقلب ينقلبون , فلا ترهقوا أنفسكم في التفكير كثيراً ، وأنكم لن تصبحوا المليارات من البشر مهما فعلتم ، وأنه ستتحرر فلسطين , وستعود لأهلها وشعبها بإذن الله تعالى ، مهما خدعتم العالم , وإن كانت معكم أمريكا والغرب ومن يخدعون المسلمين من الشرق والغرب بالصداقة , ونحن يكفينا قوله تعالى :" لا تحزن إن الله معنا " وقوله :" ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " , وعندها ستقر أعيننا بدولتنا , وتبهتج قلوبنا بأمتنا , ويفخر شعبنا بقيادته , ولنعلم جميعاً أنه لا نصر لنا من عند أنفسنا لأنه تعالى قال وقوله الفصل :" وما النصر إلا من عند الله " فعلينا أن نطلب النصر من الله تعالى , فقـد سقينا الذل أوعيةً , سقينا الجهل أدعيةً , مللنا السقي والساقي ؛ من البشر , فإما حياة تسر الصديق , وإما ممات يكيد العدا ؛ فلا نامت أين الجبناء , حيث كلٌ يعتز بنفسه وبفصيله وحركته وجماعته وحزبه , وأصبحوا في الطبل والزمر سواء ؛ وكل يغني على ليلاه , ونسوا جميعاً أنهم خدم لهذا الوطن وأهله .