الكاتب : د. أسامة أبوجامع
غزة – فلسطين
رؤوس ترنحت بالظلم
بالليل البهيج يتربع البدر مكتملا يشع نوره أملا وتفاءلا يبتسم للمظلومين تتهاوى رؤوس الظلم به هاربة ومتخفية تترقب جنح الظلام لتذق كأسا سقت شعوبها ملئه المرارة والألم ، شيب منه الولدان ، حينها ينادي المنادي من مكان قريب , دارت عليكم الدوائر ، وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد , فتزعزعت بهم القصور, واندحرت أجسادهم عن صدر شعوبهم هم وأبنائهم ، وغيبت في غياهب الجبوب جثامينهم , ومضوا ومضى أحلامهم , فلا تحس منهم من أحد , ولا تسمع لهم ركزا , لتتنفس شعوبهم نسائم فجر يوم عليل ؛ كان يفوح هواؤهم من قاع سرمد ، خيب الرجاء , وأنهك العزائم , ووئد الخيول ، ودق الطبول , هكذا اعتقد مالك السلطان ومن حوله شرذمة الأشرار وقتلة الأبرار من الثوار الصغار والكبار في حقبة كانت بتاريخنا غبراء مسطرة على صفحات مظلمة سوداء عصفت بالشرفاء وأبقت لجبناء، إذ ظنوا بأجهزة أمنهم إخافة شعوبهم وإرهابهم واستعبادهم ، إلا أن القدر المكتوب ، أخفى لهم غير ما مكروا , فما يمر من يوم عبوس أو مستبشر إلا وسمع نداء يقول صبرا جميلا , إن المقدور آت آت آت , فلا نامت أعين الجبناء المؤمنة باللات .
لتبقى صيحات التمرد بداخلكم , تستصرخكم لا تهنوا ولا تحزنوا , وانتم أيها الشعوب بإرادتكم وعزيمتكم الأعلون إن شاء الله , فلامس برأسك عنان السماء وخذ بيديك شهبا واقذفهم بها لتحرق عليهم الأرض والسماء, ولا يخيفك قرع طبول جيوشهم ، وقد يعجبك عجاجهم , لكنهم أعجاز نخل خاوية , وبكم لن تبقى لهم باقية .
أيها العربي الأبي بأهله وأوطانه إلا من أصلح من حكامه وعصم ، انتفضوا ولا تبالوا فإما حياة الكرماء وبناء العلياء وإما موت الفداء وسكنى الشهداء , من اجل غد تنظره لأحبابك ، تشرق عليه شموس حجبها من ظن أنه أصبح في الأرض إله ، ونسي من في السماء إله وفي الأرض إله , وظن أنه يحيي ويميت , فانسلخ عن أصله وتنكر لوعوده ، وأراق الدماء وقسم ظهور الثكالى والأرامل , وأبكى عيون اليتماء , وأسال أحزانها من الدمع الحارق انهارا ، وفجر بفعلة و قولة طغيانا ... قائلا أنا الحسيب وأنا الرقيب ؟!!! , ولا يعلم انه لم يبق له بين الخلق حبيبا يغنية ولا منافق كان يمدحه و يرثيه , وسقطت رؤوس الأصنام فتلك رؤوس ترنحت بالظلم وتهاوت منكبة على وجوه سوداء كالحة , ويبقى الشعب سيد القرار مهما طال ليل الفجار وسطعت به الأنوار فلا مفاوضة مع الظلم ولا حوار , ولن تنثني الشعوب عن إسقاط تلك الرؤوس إذ لا شفاعة للشافعين في عصبة الأشرار , هذه هي حقيقة وثيقة شرف كتبت بدم الثوار , على جدران القلوب وحفرت حروفها في النفوس بمداد قسوة الزمان ، وارتجاف الشفاه , ونطق اللسان ,هاتفة ارحل عنا بعيدا أيها الطاغوت ودع لنا وطننا , فأنت غريب غريب وسارع ولا تتردد فقافلة التاريخ تنتظرك , وتصريح خروج بلا عودة ينتظرك , فرهانك على من حولك خاسر , وستسقط وأنت خاسئ , خائب مدبر مول غير معقب إلي غياهب الزمان ذاهب .
Social Link