الكاتب : د. أسامة أبوجامع
غزة – فلسطين
مواطن ولاجئ
ورد في المثل العامي الاتحاد قوة والتفرق ضعف ولكن الناظر إلي قطاعنا الحبيب يجد الناس قد مزقوا شيعا وفرقا وأحزابا , وغفلوا أن من أمامنا البحر به البوارج والزوارق الحربية الاحتلالية المتربصة الملوحة بالموت بسبب أو بلا سبب ومن الخلف أسلاك شائكة ودبابات وترسانة عسكرية إحتلالية غاصبة مجنونة ومسعورة محمومة لا تفرق بين فرد وآخر فكلهم في نظرها فلسطينيون لا تمييز مواطناً أو لاجئاً ، بربراوياً كان أو مجدلاوياً يافاوياً كان أو حمامياً رفحاوياً كان أو جبالياً ، وتقسيم آخر حسب السكن فذا جبالي وآخر غزي بل غزة نفسها مقسمة فذا شجاعي وذاك رمالي ، وذاك كبير عائلة وذا خمنجعي نعرات كاذبة سوقها الاحتلال وصفق لها الجهال وقبلهم المثقفون من العيال ، وتقسيم ثالث : شمال الواد وجنوب الواد وما أدراك ما الواد ، وآخرون يقسمون فئآت يشهد بوطنيتها إلى يمين ويسار وختم الأمر فضاعت القضية بين " فتحاوي وحمساوي وجبهاوي وجهادي .....الخ " اللهم رحماك .
فيالسخرية الأقدار!!! أسألكم جميعا هل يختلف الفلسطيني اللاجئ عن المواطن أو العكس أو يختلف الناس جميعهم في قطاع غزة عن بعض الذي لا تجاوز مساحته الفنجان ، إن كان يوجد اختلاف وعليه فلا أخجل وأن لا نخجل أن نقول جميعاً ليخلع كل منا بنطاله أو دشداشه في الشمال أو الجنوب أو فيهما معاً فإن كان للآخر ذيل عند مؤخرته فهو من فصيلة الحيوان وقد كثرت والحمد لله بيننا حدائقها وحظائرها وزرائبها فإن كان من الأمام فالكل كذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فهل هذه الترهات تنم عن شعب مسلم ، قد سلم عقلة أو سلمه للاحتلال فاستعمره وبنى أركان دولته داخله حتى النخاع ، هل يظن من يفاوض أو يقاوم أو يلاوم أو يساوم أن اليهود غداً عن أرضنا مندحرون وإلى مهاجرهم مطرودون وأن القتال بيننا وبينهم وقد وعدهم الله بالحشر في الأرض المباركة لا يكون ، وذلك كما قال تعالى :" ... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا "] الإسراء: [104فلابد من مراجعة ديننا مراجعة دقيقة وفهمه ولاعيب في ذلك بل الحق الرجوع إلي الحق ومراجعة أوراقنا ومواقفنا وتطلعاتنا وكذلك إستراتجيتنا والنظر فيما وصل إليه الناس لتقريب المسافات التي عاث الاحتلال بها فسادا فتباعدت ، لتعود الثقة بتصحيح ثقافتنا التي فقدت وتدعيم الروابط القيمية التي نسيت .
إن صرخات الألم تملاء الفضاء وتعلوا فوق الطموحات لقد مزق شعبنا وأثقلته الجراحات وملء بالآهات بين غيابات السجون وغياهب الخلافات فأنظرونا ياتجار الشعارات إذ إشارات تنبيه هنا تدق وأخرى هناك يسوقها كل مدسوس ليخدع بها التجمعات ويفرق بها الجماعات ، كأنه يستنجد قبل أن يسوغنا الاحتلال لوكا بفمه كاللقمة مضغة مضغة وكالشراب شربة شربة . فحروب مرت وطبول حرب تقرع بالسلاح وأخرى باردة بالكلمات ، وكواليس تحاك بها المخططات والمؤامرات لإنهاء الشعب والقضية وحروب ستقرع طبولها فإن الموعد معها إلي يوم الدين ، ولكن قبلها جولات وجولات فستذكرون قولي في ليلة ظلامها حالك السواد أن يحاول العدو أو يطمح قطع رؤوس كل من أشير إليه بالبنان ممن يخدم الأهل والوطن فيا قومي إني لكم ناصح أمين واذكر هنا قول الله تعالى "وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ... " ]القصص :[20 وأذكر كذلك ماورد عن زرقاء اليمامة واستشعارها لخطر العدو القادم على قومها فلم يصدقوها فارجعوا واقرؤا التاريخ لقد شردوا في متاهات الصحراء . فاعقلوا الأمر وتدبروه فلا المال الذي جمع ينفع ولا نكاح النساء ولا حتى متع الحياة فبريقها يعمي العيون ويصم الآذان ويصرف العقول عن التفكير وكذا الوجدان فهل لك حافظة أم أصابك النسيان ، قد تهوى كلامي أو لا يروق لك فتحمله على محمل الجد أو الهزلان وما أراك إلا مصيبك الخذلان أو تنفعك الذكرى فتظفر بالإيمان والاطمئنان عندما تعلم قوله تعالى :" ... إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا َأعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" [النمل:[34. وليس صور مآسي الاحتلال منا ببعيد .
إن تماسك الشعوب ووعيها أساس قوتها لذا فالكل مطالب بأن يعيد النظر ثانية وثالثة وإلى الألف بعد الألف وكذا يحسب اليقظان إلى أين خطواته تتجه وأولوياته في كل مكان وأن لا يستهين بصغائر الأمور قبل الجسام , وليس كذلك النعسان أو السكران ، فثقافة الود والتحابب أراها تنفرط كما العقد إذا انفرط ليحل الحقد والحسد والعداء ولد الخصام وعندها نرجع إلي الجاهلية الأولى تلك الجاهلية الجهلاء ليعلو فكرها الممقوت ومنطق السفهاء فتصبح شعار القوم المتعلمين منهم والجهلاء ليلحق الأمة ما لحق بقوم داحس والغبراء والإسلام إي وربي الإسلام من ذلك كله براء إذ لم يبق بعده إلا الذلة والشقاء وحينها لامنجا ولا ملجا ينفع الأشقياء!!! والأمر إليكم بعد الله أيها الزعماء فهبوا إلى إلفة الرحماء وارحمونا إن كنتم أتقياء.
Social Link