الكاتب: بسام جودة
الوضع الفلسطيني الحالي يتسم بحالة من الضياع  والهروب من متطلبات المرحلة وضرورات العمل من أجل الخروج من حالة المراوحة بالمكان التي يعيشها  من خلال التمسك بمواقف عقيمة أوصلتنا إلى ما نحن فيه من انقسام وتشرذم وابتعاد عن الحد الأدنى للتوافق وتحقيق الوحدة الوطنية والخروج من الأزمات المتتالية التي تصبغ الصورة في حياة الفلسطيني الذي يعيش رغم أنفه تحت سنديان طرفين متصارعين  على السلطة والنفوذ بعيدا" عن مصلحة الوطن  وتطلعات القطاع الأوسع من الشعب الذي يعاني التهميش وعدم الاكتراث بحاجاته الحياتية أو مصيره الوطني.

لا أحد يهتم إلى أن التفويض الذي منحه الشعب للرئيس والمجلس التشريعي لمدة أربع سنوات في العام 2006 قد انتهى منذ أكثر من سبع سنوات وأن الدعوات إلى انتخابات جديدة أصبحت مجرد لعبة مصالح ومواقف يعيقها الطرفان وبالطبع كل حسب مصالحة وحساباته في إطار إيجاد المبررات لذلك وفي خضم الحفاظ على حالة التقاسم للسلطة والنفوذ والإبقاء على حالة الانقسام الذي لا يخدم إلا الاحتلال وزبانيته واستمرار بقائه واستيطانه للأرض الفلسطينية.

عندما تستبدل تطلعات الفلسطيني من تحرير الأرض الفلسطينية إلى حفنة من المتطلبات الحياتية على أهمية العيش بكرامة للمواطن لأن ذلك حقه ويصبح الطموح الحصول على فرصة عمل وكهرباء وماء نظيف وصحي  وتصريح للعبور إلى الخارج عبر طريق مفتوح يسمح له التحرك بكرامة وحرية ، فذلك يدل على حالة التراجع والانكفاء على الذات التي يعيشها الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة حيث الحصار والفقر وانعدام الحياة الطبيعية والكريمة وانتشار المخدرات والخوف وانسداد الأفق نحو مستقبل أفضل رغم كل التضحيات والصبر على البلاء وان كان أيضا" الوضع في الضفة الغربية لا يقل سوءا" في كثير من التفاصيل المرتبطة بواقع الاحتلال والاستيطان.

الدعوات من العقلاء إلى التغيير وتفضيل التوافق والوحدة لا سيما في ظل حالة الهجمة الشرسة في المنطقة على كل أذرع المقاومة والمواجهة مع الاحتلال ودعاة التدمير والإرهاب والهيمنة على مقدرات الشعوب العربية، تقابلها  بعض الأصوات التي لا تدرك حجم المعاناة والمؤامرة التي تحاك لوضع الإقليم في خدمة إسرائيل واستمرار احتلالها وهيمنتها على الشعوب العربية تحت دعاوي باطلة تجعل من إسرائيل الصديق والشريك في خدمة المصالح للولايات المتحدة الأمريكية  التي حقق رئيسها الأميركي ترامب في زيارته الأخيرة للمنطقة مالم يحققه رئيس أخر من ارتهان لمقدرات الشعوب العربية والإسلامية التي التقى  بزعمائها لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لسنوات طويلة قادمة.

في إجابة العمادي السفير القطري على سؤال يقول "انتو رايحين للأسوأ " يقصد أهل غزة، هذا كلام واضح لرجل مطلع على الكثير....  فهل من المعقول أن نستدعى 11 سنة أخرى أسوء من التي مضت، هنا لابد من وقفة واضحة إزاء ضرورة النزول عن الشجرة وتقييم الأوضاع بشكل موضوعي وبما يرفع البلاء عن الناس ويحقق الحفاظ على كينونة المقاومة وسندها الشعبي الذي هو أهم مقومات الوجود.

إن النقاط العشرين التي جاءت في ما كتبه د. أحمد يوسف في رسالته الموجهة لقيادة حركة حماس تشكل رؤية يبنى عليها لتصويب الأوضاع وتحقيق التطلعات نحو إنهاء حالة التشرذم والانقسام وتجنيب غزة ويلات المستقبل وكوارث وحروب جديدة لا يعلم إلا الله ما هي نتائجها في ظل الواقع العربي والإقليمي الذي خطه ترامب وزبانيته .


الواقع يتطلب العمل بجدية من أجل لحمة الوطن وإقامة شراكة وطنية حقيقية تقوم على احترام التعددية السياسية والالتزام بالحقوق الفلسطينية، لا سيما بعد أن شكلت وثيقة حماس الأخيرة تقاربا" كبيرا" في الرؤية السياسية مع برنامج حركة فتح وبرنامج الحد الأدنى الذي تتبناه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ولم يعد من المفهوم أن تبقى حالة الانقسام والتشرذم على ما هي عليه في ظل الاستهداف الكبير لمستقبل الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يجري التحضير له لتحالف إقليمي يحقق لإسرائيل الاختراق الكامل والمعلن لكل المحرمات العربية لتصبح شريك تحت دعاوي مواجهة إيران وتمددها في المنطقة وتجاهل إسرائيل المحتلة  للأرض الفلسطينية والتي شكل وجودها في قلب العالم العربي انعدام الاستقرار في المنطقة وتسبب في كل الإشكاليات القائمة في المنطقة العربية والإقليم........ فهل من مجيب؟؟؟!!!