الكاتب:
د. أسامة أبوجامع
ان
هذه الرؤية التي سأطرحها ماهي الا استشراف للمستقبل القريب، فبعد سنوات عجاف
تخللتها صراعات نزفت فيها الدماء ومفاوضات عقمت وتعثرت؛ والمعطيات التي بدأت تتجلى
معالمها في السنوات العشر الاخيرة أصبحت تتضح شيئًا فشيئًا، وبعيدا عن خطة كيري
لافروف والجدل القائم منذ عقود حول حل الدولتين في المحافل الدولية والقرارات
الصادرة عنه، ليدحض كل ذلك تصريحات بعض القادة الإسرائيليين عن ضم الضفة الغربية
وتأكيدهم على ذلك بالممارسة اليومية والتوسع الاستيطاني، فما ذلك كله الا لفرض
واقع على الارض وفرض خيار الدولة اليهودية وافشال مشروع حل الدولتين، بالإضافة الى
وجود تنازع على استحياء تخوضه الأردن ضد دولة الاحتلال حول الضفة الغربية؛ حيث
قرار الملك بتعين عدد من النواب الفلسطينيين من الضفة إلى مجلس الأعيان بعد أن
توقف ذلك لفترة من الزمن والاصوات الصادرة من بعض السياسيين الأردنيين حول هذا
الشأن، اما في قطاع غزة فالأحداث متسارعة ما بين الحروب واللقاءات بين قيادة حركة
حماس واطراف اقليمية او داخلية، وصولا الي "مؤتمر العين السخنة" الذي
رعته المخابرات المصرية وان قلل البعض من اهميته او عزاه لصراعات تنظيمية داخليه
حيث تجلى في فتح منفذ رفح البري المتكرر، كذلك ما أوردته بعض الصحف الصادرة في شهر
"تشرين الثاني الماضي" عن التبادل التجاري بين مصر وغزة وأنه مفيد
اقتصاديًا لكلا الجانبين وان ما حصل قبل ايام في مجلس الامن حول
القرار"2334" وعدم تقديم مصر له وان كان القرار ذا اهميته لكنه يبقى
كسابقه قرار رقم "446" لسنة 1979، فكل ذلك يجسد الصورة النهائية للمشهد
فالناظر لتلك لمعطيات فقط يرسم صورة المستقبل القريب؛ "الضفة" سيعاد
احتلالها لأن إسرائيل لن تسمح للأردن بضمها أو اتبعها لها؛ فدولة الاحتلال تطلق
عليها كما نعلم "يهودا والسامرة" وليس فقط كما يقول بعض المحللون بأن
إسرائيل ستضم فقط منطقة "ج"، أما "قطاع غزة" يهيئ بأن يكون
الدولة الفلسطينية المستقبلية فكل مقومات الدولة متمثلة فيه (مطار – ميناء – منافذ
برية) بالإضافة إلى الرموز السياسية (الجندي المجهول – القصر الجمهوري
"المنتدى" – المطار "سواء اعيد بنائه كمطار فلسطيني او
انساني") وستكون الدولة على النحو التالي: مئتان كيلو متر إلى الداخل عن
السلك المحيط بغزة، وأيضا من الأراضي المصرية من رفح المصرية إلى الشيخ زويد، وقد
تصل إلى العريش، وبالأخص أن أهالي سيناء لهم امتداد بالجانب الفلسطيني مما يعتبرون
أنفسهم فلسطينيين وفق ما يقوله بعضهم، قد يقول قائل لن توافق الحكومات المصرية
ولكن مهما قاتلت الحكومة المصرية في سياق الانهيار الاقتصادي لها سترغم على
الموافقة حيث إرهاصات ذلك تأخذ بانكشاف عن رؤية المفكر السياسي المصري الذي يعاني
من التضخم الاقتصادي في عملته وأيضا له سابقة في صنافير وتيران برغم من الجدل
الدائر حولهما، أما على الصعيد المحلي فيتضح أن أصدقاء الأمس ربما أعداء اليوم حيث
التحرك السياسي الفلسطيني باتجاه تركيا وقطر وهذا يعني سحب البساط من تحت الدول
التي تحتفظ بالملف الفلسطيني منذ عشرات السنوات مما يدفعها للموافقة على تلك الحل
اللائح في الافق، هنا نشير إلى أن معظم الأطراف المشتركة في القضية الفلسطينية
والتي أقسمها إلى ثالث مستويات:
أولا:
أميريكا ودولة الاحتلال الإسرائيلي يميطا اللثام عن رؤيتهم التي اخذت تتضح كما
أسلفت سابقاً لحل القضية الفلسطينية والتي سيروج لها فور موافقة جميع الاطراف
المشتركة في ملف القضية الفلسطينية وبالأخص الرباعية العربية.
ثانيا:
دول الجوار وهي الأردن ومصر حيث مطالبة الأردن لإسرائيل ووفق النظام الملكي
الأردني بأن الأردن ضفتين وهي الشرقية والغربية، أما مصر فهي تسعى بأن يكون لها
هيمنة سياسية على الدولة الفلسطينية ومن ناحية أخرى بعد للأمن القومي المصري حيث
حجب أي دول اقليمية للتدخل.
ثالثا:
الدول الاقليمية وهي تركيا وإيران واللاتان يتسابقان على النفوذ في المنطقة فتركيا
جسدت ذلك باتفاقها الأخير مع الإسرائيليين حول إعادة علاقاتها ومن ضمن ما تم
الاتفاق عليه "الجزء المعلن" موضوع قطاع غزة وهي داعم قوي لحركة حماس،
حيث أن التحرك السياسي الأخير باتجاه تركيا من رئيس السلطة الفلسطينية والذي جسدته
الصورة الصادرة في ذلك اليوم على صفحة جريدة القدس من عدم اتفاق.
أما
إيران فقد اخفقت في نفوذها بالمنطقة بسبب سياستها الطائفية التي تمارسها في بعض
دول المنطقة على الرغم من تمسك بعض المستفيدين ماليًا بها، كذلك خلافها مع حليفها
السابق في قطاع غزة وذلك لأسباب كثيرة منها موقف حركة حماس من الثورة السورية،
واخيرا حفاظها على ملفها النووي المتفق عليه دوليا.
وبناء
على ما تقدم نشير إلى اعتقاد البعض انها انفراجه في شأن قطاع غزة على الأسس السابق
ذكرها؛ مما سيجعل الأجواء مناسباً لانفصال القطاع رسميًا عن السلطة الفلسطينية
والذي ستمول رواتبه بأموال خليجية لتعلن الدولة الفلسطينية فيه وهذا مالا نطمح ان
تصل الامور اليه لتبقى فلسطين عصية موحدة بشعبها واهلها وارضها.
Social Link