الكاتب
: د. احمد محيسن - برلين.

فمن
إنجازات مؤتمر العودة الثالث عشر المهمة في برلين، أنه حقّق المعادلة بمكوناته
وبأدواته وبرؤيته، وببرامجه وبطرحه وبالتصاقه بهموم الشارع العربي الفلسطيني،
وبتعبيره عن وجعه وحجم معاناته، وبفسيفسائه الرائعة المعبرة عن عظمة هذا الشعب،
وبرفعة أخلاق القائمين على إنجازه وصدقهم، وبإخلاصهم لفلسطين بكل منحنياتها
وتفاصيل قضاياها العادلة الرابحة، بدءاً من الفلسطيني الرضيع الذي حضر وشارك ورفع
العلم، مرورا بشبابه وشاباته، وصولا لشيبه وكهوله، رغم بعد المسافات واختلاف
الجغرافيا، وبمضيفيه ولجانه وخلايا النحل التي عملت على مدار الساعة ، ليكون
الإخراج كما أرادوه فكان كذلك .
تكتّل
هذا الجمع مع احرار الأمة واصدقاء قضيتنا، متسلحين بإيمانهم وبعدالة قضيتهم، وبعظم
وبقوة إرادة شعبهم، وبقناعتهم بأدوات الديمقراطية الحقيقية المتاحة، التي تكفل
وترعى حرية الرأي والتعبير بنص القانون، إضافة إلى عزيمة وإرادة الفلسطيني التي
بقيت عصية على الانكسار، مثلما رغبته الجامحة في التضحية والبذل والعطاء لفلسطين.
فقد
استطاع المؤتمر في برلين أن يتخطى بسلام، كل الحواجز التي نصبت على الطرقات، منها
الثابتة ومنها الطيارة، بكل تفاصيلها وأشكالها وألوانها وانتماءاتها ودافعي أجرها
ومأجوريها، وأن ينجز إرادة الجماهير من بوابات الديمقراطية الشامخة في برلين،
ويُعقّد مؤتمره كما كان وكما يجب وفي موعده المحدد مضموناً وزماناً ومكاناً، وكما
قال الأخ القائد أيمن اللبدي في رسالة وجهها مشكورا للمؤتمر:" إلى الأخ
الحبيب أحمد محيسن واخوته في جواره: " زئير الأسود يقطع نسل الأرانب ويورث
العناكب الخبل، سلمت جهودكم وتبقون رائعين، وأضاف الاخ اللبدي قائلاً: "وان
الإرادة التي تمثلت بتحقق مؤتمر العودة في برلين، والإرادة التي قدمت الشهيد علي
أبو غنام في القدس العظيم لتخرج من مشكاة واحدة، مثلما السقوط في الحياة مفاوضات
والحياة دردشات تخرج من مكب واحد ".
لقد
استطاع المؤتمر أيضا، أن يكسر جدار (غير الممكن) اللافتة شعارات الباطل وأعوانه
المثبطة بأدوات الحق والعزائم، وهو الباطل الذي طالما ساد وعشعش في عقول الكثيرين،
وما زال يعتقد بأن الزمن توقف عن هذه الحدود، فأثبت المؤتمر في برلين، بأن الإرادة
الممزوجة بالحق وهي منطلقة نحو الحرية، لا تعرف حدود الممكن، وبهذا الإنجاز الرائع
في برلين ومعها أخواتها من المدن الأوربية، بدأت جبال ثلوج التزوير تذوب لتنجلي
الحقيقة ناصعة، وسواتر التشويه لصورة نضال شعبنا في أذهان الشارع الألماني بل
الأوروبي بالإنهيار، نظرا لما تركه المؤتمر من أصداء إيجابية حضارية في الشارع الألماني،
وبعد تنفيس الهجمة الإعلامية الشرسة الممنهجة التي شنّـت ضد أبنا الشعب الفلسطيني
ونضالهم، وضد المؤتمر في عموم ألمانيا وتحديدا في العاصمة برلين، وذلك بأدوات
وببراعة الحكماء المتبصّرين.

هذه
برلين التي أسقطت جدار الفصل بين أبناء الشعب الواحد، وهذه برلين التي تمردت على
كل أجهزة أمن الدولة في المانيا الشرقية آنذاك، والتي كانت تدعى
"الشتازي" ، وتعمل على قمع المواطنين وإرهابهم وتكميم أفواههم، نعم هذه
برلين التي طوت بإرادة شعبها واهلها عبر كفاحهم وإصرارهم زمن "الشتازي"
المشؤوم، ومحت من صفحاتها تاريخاً اسوداً، كُتب بأيدي أجهزة أمن الدولة آنذاك،
والذي كان أوهن من بيت العنكبوت، وثبتت كرتونيته، وتساقط تماماً كأحجار الدومينو
حجراً تلو الآخر، لقد انهار ذلك أمام غضب الشارع والجماهير، وإصرارها على نيل
الحرية، وخرج أهل برلين ضد الظلم وجبروت الظالمين، في مظاهراتهم الأسبوعية كل يوم
اثنين، يرددون بصوت واحد، " نحن الشعب ، نحن الشعب " ، حتى أطاحوا بأقوى
حلقات سلسلة المنظومة التي كانت قائمة ، وسطروا بتضحياتهم بداية عصر جديد، نرى
آثاره وثماره الأن في شوارع برلين وولايات المانيا الموحدة.

ولم
ولن يفلح الخصم ولا أدواته ومعاونوه ومرشدوه ومرتزقته أيضا، بتعطيل انتصار
الجماهير لحقها وإرادتها، ورغم عظم قدراته وإمكانياته هنا، في ليَّ ذراع مؤتمر
العودة الثالث عشر، الذي انعقد في العاصمة برلين، فمؤتمر العودة في برلين، هو محطة
مهمة وعلامة فارقة في تاريخ شعبنا النضالي، من الشتات الفلسطيني في أوروبا، على
درب العودة الواحد والقادم حتما إلى الديار التي هجرنا منها بقوة السلاح. وسيبقى
الصوت الفلسطيني الحر يصدح بالحق، ويعقد مؤتمرات العودة بإذن الله حتى تتحقق .
Social Link