المصالحة : أمر رباني ونبوي وفرض حتمي وواجب ديني لا
يعارضه إلا شيطان جنًي أو أنسي
من عبد الله الشيخ الأستاذ الدكتور / محمد بن سلمان بن
حسين أبو جامع إلى من يطلع عليه من المسلمين :
فهذه مسائل سبع حول المصالحة بين المتصارعين والمتقاتلين
أبناء فتح وحماس على أرض فلسطين المباركة :
أيها الإخوة المسلمون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
وبعد :
ألمسألة
الأولى : موقع المصالحة من الدّين .
لابد أن يعلم أن
الله تعالى أمرنا بالإصلاح بين المؤمنين إذا تقاتلوا فقال:"وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ
بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الحجرات:9) ، وقال رسول
الله e :" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال فيلتقيان فيعرض
هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" أخرجه/ مالك والبخاري ومسلم وأبو
داود والترمذي والطبراني بزيادة :"... والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى
الجنة" وعند أبي داود والنسائي :"لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث
ومن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار" وسيأتي الحديث مفصلا عن ذلك لاحقا إن شاء
الله تعالى.
ألمسألة
الثانية : حول مفردات كلمة المصالحة .
ذكرت كلمة
المصالحة في آي كتاب ربنا مصدرا واسما وفعلا ومفعولا مطلقا وصيغة مبالغة ... إلخ ،
قال ابن منظور :" والإصلاح نقيض الإفساد ... ، وأصلح الشيء بعد إفساده أقامه
، والصلح : تصالح القوم بينهم ، والصلح : السلم ، وقد اصطلحوا وصالحوا واصطلحوا
وتصالحوا أو اصّالحوا مشددة الصاد ، قلبوا التاء صادا وأدغموها في الصاد بمعنى
واحد ، والصِّلاح بكسر الصاد مصدر المصالحة ، والعرب تؤنثها ، والاسم : الصلح يذكر
ويؤنث ، وأصلح ما بينهم وصالحه مصالحة وصلاحا ... بل قال ابن منظور : وصلاحِ
وصلاحٌ من أسماء مكة شرفها الله تعالى ، وقال : يمكن أن يكون فيها التنوين وإن كان
الأصل فيها البناء " إهـ , ولذا كان من صالح أخاه في مكة المحروسة؛ ولأنها
يجب أن لا يكون فيها إلّا الطّاهرون ظاهراً وباطناً, وما يؤاخذ الله تعالى أحداً
بباطنه كما يؤاخذ فيها شرّفها الله, فكيف بمن وقع فيها المصالحة وشدد المواثيق ثم
غدر وخاصم من بعد وفجر ؟!.
ألمسألة
الثالثة:سؤال يجب أن يطرح من جلب لنا هذه المصائب فوق مصيبة الاحتلال ومنها مصيبة
الأنفاق؟.
فإنه قد
بلغني أن تعليقات إخواني على فتوى الأنفاق سواء منهم المعارض أو الموافق لأن ما
يهمني من الأمر تلك الاعتراضات المتذرعة بالذرائع المختلفة : فمن قائل : إن قفلت
الأنفاق فمن أين نأكل ؟! , وقائل آخر: يدخل لنا من الأنفاق حليب الأطفال والأدوية
.... , وثالث ورابع وخامس يقول: أنت تقول بحرمة العمل في الأنفاق فما البديل
؟!...إلخ, "فما هو البديل ؟! وذلك لب الأمر وجوهره" ,والرد وبكل بساطة
وبدون أي تكلف كما يلي :
أولا: إن الله
تعالى ضمن لعباده الرزق , ومن حكمته البالغة لم يجعل لأحد من خلقه سلطانا عليه
فقال سبحانه :"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ "
(الذاريات:22) , وقال رسول الله e : "إن
أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم مثل ذلك علقة ثم مثل ذلك مضغة ثم
يأتي الملك وينفخ فيه الروح ويؤمر بكتابة أربع كلمات أجله ورزقه وشقي أو سعيد
"أخرجه/ البخاري ومسلم – متفق عليه- , بل هو القائل سبحانه في الحديث
القدسي:"يا ابن آدم إن ذكرتني ذكرتك , وإن نسيتني ذكرتك , وإذا أطعتني فاذهب
حيث شئت مخلى – موضعا , مكانا, فضاءا – تواليني وأوّاليك , وتصافيني وأصافيك ,
وتعرض عني وأنا مقبل عليك , من أوصل إليك الطعام وأنت جنين في بطن أمك – لم يشقوا
لك نفقا ولم يفتحوا لك قناة - , ولم أزل أدبر فيك تدبيرا حتى أنفذت فيك إرادتي ,
فلّما أخرجتك إلى الدنّيا أكثرت معاصيّ, هكذا جزاء من أحسن إليك "أخرجه/
العجلي والرافعي , ثم إنني ذكرت في الفتوى آنفة الذكر حديثه e :" لو
فر أحدكم من رزقه أدركه كما يدركه الموت "أخرجه/ الطبراني , وقول عمر t :" ما
من امرئ إلا وله أثر هو واطئه , ورزق هو آكله , وأجل هو بالغه , وحنق هو قاتله ,
حتى لو أن رجلا فر من رزقه ؛ لاتبعه حتى يدركه , كما أن الموت يدرك من هرب منه
..."أخرجه/ البيهقي .
ثانيا: إن
إغلاق المعابر لن يمنع رزقا تكفل به الله وذلك ما نراه يوميا من مرور مئات
الشاحنات المحملة بالمواد الأساسية : غذائيّة أو صحيّة أو زراعيّة أو صناعيّة ...
إلى القطاع عبر المعابر وليس من الأنفاق .
ثالثا: إن هناك
فئة لا نتورع عن ذكرها وهم أولئك النفعيّين أو المصلحيّين أمراء الأنفاق الذين
ارتبط وجودهم أصلا بالأنفاق وجودا وعدما ولو على حساب الدين والأمة والوطن – تجار
الحروب – ولو نادى مناد هلموا لوحدة الأمة وجسر الهوة ,هلموا لإصلاح ذات البين
,هلموا يا أبناء الوطن ورفاق الدرب وإخوة السلاح والنضال لكي نكسر شوكة المحتل
,ونبدد الحصار ,ونزيل الاحتلال ,ونبني وطن العزة ؛ نبني فلسطين الكرامة والكبرياء ,لحزن
أولئك النفر واغتاظوا كإبليس وجنده ,فيقومون بدورهم التخريبي والإفسادي ؛ من إلهاب
المشاعر ,وتأليب النفوس ,وتأجيج الخواطر ,والتذكير بما يوغر الصدور- كداحس
والغبراء ,والبسوس - وما ذلك إلّا ليبقى الانقسام قائماً ,والاحتلال جاثماً
,والضنك ماثلاً ,ويكون الوطن وأهله للعدو المحتل طعاماً سائغاً ,لأنهم خدّامه بدون
مبالغة .
رابعا: كون بعض
المدّعين للعلم الشرعي يقومون بدور شيطاني فهم محاريك السوء والعياذ بالله يدعون
إلى الفرقة والانقسام بدل الدعوة إلى المحبة والوئام ويأبون إلّا الفتنة ألا في
الفتنة سقطوا بل هم من قال الله تعالى فيهم :"عبادا لي يلبسون مسوك الضأن
وقلوبهم أمر من الصبر, وألسنتهم أحلى من العسل ,يختلون الناس بدينهم " حديث
قدسي ؛أخرجه/ ابن عساكر, وقال رسول الله e :"يخرج
في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين , يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ,
ألسنتهم أحلى من السكر, قلوبهم قلوب الذئاب ..." أخرجه/ الترمذي .
خامسا: من الذي
تظنونه يحاصرنا ؟! إن الذي يحاصرنا هم الانقساميون بما أوجدوه من انقسام , ثم ما
حاجتنا للأنفاق لو أن الانقسام غير موجود ، بل إن الانقساميّن هم الذين حفروا
الأنفاق و ساعدوا على حفرها لإطالة عمر الانقسام والتمكين لهم وليعيشوا هم ولو
ماتت الأمة نتيجة ما جلبوه بالانقسام .
سادسا: يسألون
عن البديل ؟! , ولا يعلمون أن البديل أسهل مما يتصورون بل أسهل من حفر الأنفاق
نفسها وإهلاك النفوس بسببها وإيجاد الذرائع لأعدائها ، إي وربي إنه أسهل بألف مرة ومرة
لأنه من المعلوم أن "المشقة تجلب التيسير" وكذا "الأمر كلما ضاق
اتسع" وهذه قواعد الشرع ليست منا ببعيد ، فاقرأوا إن شئتم قول الله تعالى
:"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا.." حيث تناولت الآية دعوة القوم
المؤمنين المسلمين إلى ما يحييهم وكأن القوم أموات بدون الاستجابة لله وللرسول
كتابا وسنة ، وهم فعلا كذلك إلّا من استجاب لهما ، حيث قال تعالى :" أَوَمَنْ
كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ
لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام:122) ، والنور الذي جعله
سبحانه الإسلام ومحمّداً عليه وآله الصلاة والسلام من هنا كانت الاستجابة لله
وللرسول فيها ما يرشدهم إلى صلاح دنياهم وعمارتها وفلاح أخراهم ووجاهتها ، بل وفي
كل شئون حياتهم بتطبيق أوامره واجتناب نواهيه كي لا ينطبق على القوم قوله تعالى
:" … أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا
جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (البقرة:85) ، كيف لا ومن استجاب ولبى فله كل
السعادة في الدنيا والآخرة كما قال تعالى :"... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ
مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ
أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَعْمَى..."(طه:123،124)،وهناك من يرفع آية الاستجابة المتقدمة
شعاراً يخدع به الناس فيجمعهم لمهرجاناته فقط ،ويرفعها ليستجيب الناس لحزبه وفكره
, لا يرفعها ليستجيب الناس لله وللرسول فعلا ،هذا وقد ضرب رسول الله e مثلا
للمستجيبين لدعوة الله ورسوله حقاً فقال :" إني رأيت في المنام جبريل كأنه
عند رأسي وميكائيل عند رجلي ،يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا ،فقال : اسمع سمعت
أذنك ، واعقل عقل قلبك ،إنما مثلك ومثل أمتك ,كمثل ملك اتخذ داراً ؛ ثم اتخذ فيها
بيتاً ،ثم بعث رسولاً ؛ يدعو الناس إلى طعامه ,فمنهم من أجاب الرسول ؛ ومنهم من
تركه ،فالله هو الملك ،والدار هي الإسلام ،والبيت الجنة ،وأنت يا محمد رسوله ،فمن
أجابك دخل الإسلام ،ومن دخل الإسلام ؛ دخل الجنة ،ومن دخل الجنة ؛ أكل مما فيها
" أخرجه/ البخاري والترمذي.
ألمسألة الرّابعة
: أين المتصارعون والمتقاتلون من الاستجابة لله وللرسول إن كانوا مؤمنين مسلمين
فيستجيبون للأمر الرباني والنبوي بالمصالحة , إذ أن الاستجابة لها مقتضيات تدل
عليها وتشير إليها ومنها .
أولا: الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن نرجع في خلافاتنا
ونزاعاتنا إليهما فنستسلم وننقاد ونقبل أحكامهما ولا نردها قال تعالى :"...
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً)(النساء:59) ، وقال :" فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما ً" (النساء:65) ، وقال رسول
الله e :" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ."
أخرجه/ أبو الفتح المقدسي وأبو نعيم والأصبهاني والطبراني والبغوي والتبريزي وابن
أبي عاصم والبغدادي والحافظ في الفتح والهندي ؛ والذي جاء به عليه وآله السلام
الكتاب والسنة .
ثانيا :
الاستجابة لله وللرسول تقتضي المسارعة إلى إجابة دعوتهما بإعلان السمع والطاعة
لهما إذا دعينا إليهما لحل خلافاتنا ، قال تعالى :"إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ
الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ
أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
(النور:51) ، وقال رسول الله e :"من
أطاعني فقد أطاع الله..." أخرجه/ الحميدي وابن أبي شيبة والحافظ في الفتح
والهندي .
ثالثا :
الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن يقوم أهل العلم بواجبهم الشرعي اتجاه أمتهم ببيان
التكاليف الإلهية لهم وعدم تضليلهم "لأن الحادي لا يكذب أهله" وذلك
يقتضي ترك الأهواء والأحقاد والمجاملة على حساب الدين إن تأسوا برسول الله e حيث قال
تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ
يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ" (البقرة:159) ، بل وقال
تعالى لأحب خلقه إليه e : "وَلَوْ تَقَوَّلَ
عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ * لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ
لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ"
(الحاقة : 44-47)، وقال رسول الله e :"من
سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" أخرجه/ أحمد وأبو
داود والترمذي وابن ماجة وأبو يعلى والحاكم وحسنه والبيهقي مرفوعا وصححه الطبراني
.
رابعا :
الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن لا يتكبر على الناس ولا يحقروا ولا يعابوا ولا
يتألى على الله تعالى في أمرهم فهم عباده يفعل بهم ما يشاء ، قال تعالى :"
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ
تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً" (الاسراء:37) ، وقال U :"...
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" (لقمان: 18) ، وأخبر
تعالى عما قاله عيسى عليه السلام له بشأن قومه :" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ" (المائدة:118) ، وقال e :"
اجتنبوا الكبر فإن العبد لا يزال يتكبر حتى يقول الله U اكتبوا عبدي
هذا في الجبارين" أخرجه/ أبو بكر بن لال وعبد الغني وابن عدي ، وقال e :" من
لا يشكر الناس لا يشكر الله " أخرجه / أحمد والترمذي وابن عساكر وغيرهم ،
وقال e :" إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم " أخرجه / أحمد
وأبو داود ومثله بزيادة عند مالك وأحمد أيضا والبخاري في تاريخه ومسلم وأبي داود ،
وجاء أن أم العلاء الأنصارية رضي الله عنها قالت :" لمّا توفي عثمان بن مظعون
وغسل وكفن في ثيابه دخل عليه رسول الله e فقلت رحمة
الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله ، فقال النبي e : وما يدريك
أن الله أكرمه؟! فقلت – أم العلاء - : بأبي أنت يا رسول الله ، فقال : أمّا هو فقد
جاءه اليقين ، والله لأرجو له الخير ، والله لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ؟
، قالت : فو الله لا أزكي أحدا بعده أبدا " أخرجه/ أحمد والبخاري واللفظ له ،
وقال e :" رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره
" أخرجه/ أحمد ومسلم وقريبا منه عند الحاكم و البزار وأبي نعيم ، هذا وقد جاء
في الخبر أن عيسى بن مريم على نبينا وعليه السلام قال :" ... فلا تنظروا في
ذنوب العباد على أنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد " أخرجه / مالك
وابن المبارك .
خامسا :
الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن تقوم الأمة – وآحادها- بواجبها اتجاه أبنائها ولا
تنحاز إلا للحق وللحق فقط ، قال تعالى :" وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الحجرات:9) ، وقال رسول الله e :" ألا
أخبركم بدرجة أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة – النافلة- إصلاح ذات البين فإن
فساد ذات البين هي الحالقة..." أخرجه/ أحمد وأبو داود والترمذي وعند غيرهم
بألفاظ مختلفة كالطبراني بأكثر من رواية والبيهقي والديلمي ومالك وعبد بن حميد
وأبي سعيد السمان ، وقال لأحد الصحابة y :" يا
أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها تصلح بين الناس إذا تفاسدوا
وتقارب بينهم إذا تباعدوا " أخرجه/ مالك وعبد بن حميد وأبو داود .
سادسا:
الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن يشغل المؤمن المسلم بدنه وأعضاءه وحواسه بالعبودية
لله U ولا يشغلها بالطعن واللعن والسب والشتم والإفساد في الأرض ،قال
تعالى :"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"
(الذريات:56) ، بل وقال أحد عباد الله :" اللهم اجعل في عقلي نوراً أعرفك به
، وفي قلبي نوراً أحبك به ، وفي نفسي نوراً أرضى عنك به ، وفي لساني نوراً أذكرك
به ، وفي ناظريي نوراً أراك به , وفي أذنيّ نوراً أسمعك به ، وفي جوارحي نوراً
أعبدك به ، وفي جسدي نوراً أخضع وأذل لك به ، واجعل اللهم من أمامي نوراً ومن خلفي
نوراً وعن يميني نوراً وعن يساري نوراً ومن تحتي نوراً ومن فوقي نوراً وأعظم اللهم
لي نوراً واجعل متقلبي كله به في نور كتابك وسنة نبيك وهدي السلف الصالح اللهم
آمين " , وذلك ما تعلمته الأمة من رسولها e .
قال الشاعر: لسانك لا تذكر به عورة امرئ ***** فكـلك عورات وللناس أعين
سابعا :
الاستجابة لله وللرسول تقتضي أن لا تتنازعنا الأهواء ولا تفرقنا المصالح وأن لا
نتباغض ولا نتناجش ولا نتحاسد ولا نتدابر ؛ وأن نكون عصبة واحدة في إخوة متحابة
كما أمرنا سبحانه في قوله :" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا
تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ
عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" (آل عمران:103) ، وقال
:" ... وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال:46) ، وقال :"وَلا
تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ..."
(النحل:92) ، وقال :"... وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ
فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً " (الروم:31) " ، وقال :"
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي
شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ" (الأنعام:159) ، وقال e :" لا
تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تنابذوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا"أخرجه/
أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وللحديث روايات عدة فيها زيادة ونقصان كما
عند الطبراني ، ولذا فإننا مأمورون أن نقف طويلاً أمام كل مستلزمات وحدة أمتنا
إسلامية ووطنية وهي التي بعد الله U سبب
لانتصارنا وعزتنا وكسر شوكة أعدائنا حيث قال تعالى :" وإِنْ طَائِفَتَانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ..." الآية وتقدم
ذكرها ، ولأن ذلك الإصلاح كما بينه سبحانه في سورة القتال الكبرى سورة الأنفال ،
سورة الغنائم والنصر ، مطلوب رئيس وسبب مباشر لكل من أراد أن يحقق قوة الجبهة
الداخلية ويحصنها ضد كل طامع وذلك الذي يفاخر ويباهى به كثير من الدول ، ولذا فإن
الله U يخاطبنا بقوله :" يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ
الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ
بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا
تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" (الأنفال:1-4) ، وذكر تعالى ما جاء
به داعية الجن إلى قومه من الخير فقال:"يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ
وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ
أَلِيمٍ) (الأحقاف:31) ، وبذلك يعلم أن المباركين للانقسام الحاصل بين أبناء الوطن
الواحد في فلسطين والقائم حقيقة في غزة تحديداً ، وروجوا له ودعموه أدبياً
ومعنوياً ومادياً يكونون بذلك قد خرجوا عن دائرة الأمر الرباني والنبوي وأنكروا
الفرض الديني وضيّعوا الواجب الشرعي ودخلوا دائرة الشيطان وحزبه ولم يلتزموا لا
بقول الله تعالى ولا بقول رسوله e فيما تقدم
إذ يقول تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (الأحزاب:71،70)
هذا من جانب , ومن آخر: فهذا يوسف بن عبد الأعلى الصدفي - يقول للمغرورين ببعض أهل
العلم والمزكّين لهم والآخذين بأقوالهم مسلمات – قال قلت للشافعي : "إن
صاحبنا الليث كان يقول : إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تغتروا به –تنخدعوا-
حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة – هل هو مطبق لهما أم مخالف لهما- ، قال
الشافعي : قصر الليث رحمه الله ، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في
الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة " إهـ ، ومن هنا
يمكن أن نقول ولا نتحرج أن كل من لا يريد الإصلاح بين أبناء الأمة المسلمة بفلسطين
في جناحي الوطن ، ويريد للأمة أن تبقى مؤججة الخلافات ، مقسمة الذات , مبعثرة
الاتجاهات ، يمكن أن نقول لهم إن فعلكم هذا يخدم عدوّنا – المحتل- ومصالحه ,لأن
ذلك الانقسام هدفه وديدنه أبداً لأنه يعلم يقينا أن وحدة هذا الشعب والأمة جمعاء
قولاً وفعلاً تبطل كل خياراته اتجاه هذا الوطن المبارك وتستنزف طاقاته ، بل إن
الحقيقة الكامنة والظاهرة تشير إشارة لا لبس فيها إليه و حلفائه بأنهم كلما اقترب
أبناء الوطن من المصالحة زاد في اضطرابهم وقلقهم اتجاه مستقبلهم في هذه المنطقة .
وأتساءل لماذا يرفض البعض المصالحة ؟ وما ذلك إلّا شأن
الذين يحرصون على تفتيت الأمة وتشتيتها لتبقى مستذلةً مستضعفةً لهم كما قال الله
تعالى في شأن فرعون :" إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ
أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ
وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" (القصص:4) ،
نعم إن الذين يسعون لاستمرار الانقسام ويرفضون المصالحة هم بالإضافة إلى كونهم
مثلا حيا وصارخا لفرعون هم كذلك كما قدمنا جند إبليس وخدام المحتل وأنصاره فيما
يقصده ويبيته لهذه الأمة وإلا فلماذا يحرص أولئك الإنقساميون على التفريق بين
الأحبة ويبغون للبرءآء الدحضة ويسعون لإفساد كل مودة وقطع كل آصرة , بل ويحزنون
إذا رأوا الناس مجتمعين وإذا رأوهم متحابين وإذا رأوهم متآلفين متواصلين لأن ذلك
يفسد أملهم في السيطرة عليهم وتحقيق غايتهم الحزبيّة، وكأنهم أخذوا بمبدأ أعداء
هذه الأمة القائل :"فـرق تسد" ، وعليه فأين تجد الأمة من يجمع لها شملها
ويرد عليها عافيتها ويأتيها بأمنها واستقرارها ويبعد عنها عدوها ، بل أين تبحث عن
المصلحين الذين أمرهم الله تعالى بالإصلاح بين الناس حيث قال :" ... إِنَّا
لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " (الأعراف:170)، وقال :"...
وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ..." (البقرة:220) ، وقال
:" لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ
أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً "(النساء:114) ، وقال
:" وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً
وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "
(الأعراف:56) ، وقال :" ... أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ
النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة:224) ، وخاصة أن من يريد
الإصلاح بين الناس لابد أن يكون مؤهلا لذلك و يتمتع كما بيّن سبحانه وتعالى بوسائل
ذلك الإصلاح وأسبابه ؛ من كونه باراً أي مشتغلاً ومشتهراً بأعمال الخير، ويجمع إلى
ذلك تقوى الله U التي هي خوفه والاستعداد
للقائه , وثالثاً : وهي الأهم نيّة الإصلاح الصادقة ليقوم بالمصالحة إذ أن الأعمال
بالنيات , فأين هم المصلحون وأين هي المصالحة ؟!.
ألمسألة
الخامسة : ألبحث عن المصلحين والمصالحة والتعرف على معوّقاتها .
أنبحث عن
المصالحة وسط ركام البغضاء والأحقاد وحقول الكراهية ؟! ,أم نبحث عن المصالحة عند
من جهل الإسلام وحظه منه نفاق ورياء لأنه قد غاب الإيمان عن قلبه ؟! ,أم نبحث عن
المصالحة عند من زعموا أنهم حماة الوطن فقتلوا الصغير قبل الكبير ، وحرّقوا النقير
والفتيل والقطمير ، وخربوا كل ما هو عظيم وحقير وزعموا أنهم على شيء ؟!،أم نبحث عن
المصالحة عند من بحث عن ذاته ونسي أمته وأصبح أسوأ من مسيلمة الكذاب وهتف باسم
الجاهلية ليعلي صنم حركته وجماعته ،فكراً وتنظيراً ، فكرس جل همه وحياته للهتاف
بتلك المسميات وما علم خطرها ؟! حتى أصبح واقعها على الأمة أخطر من عدوها! ،بل كيف
لا ؟! وهي قد عززت الانتماء إلى ما ذكر أكثر من الانتماء للإسلام وأمته ووطنه!
,ورسخت الفرقة والانقسام أكثر من الوحدة ,ومكنت للعداوة والبغضاء أكثر من أيّ محبة
ولقاء،ولا غرابة في ذلك لأنها أدبيات نشّئ الإنقساميّون عليها لظنهم أنها خادمة
مرحلتهم !, أم نبحث عن المصالحة عند من زعموا أنهم علماء فجلبوا بمكرهم ودهائهم
للأمة كل بلاء وخيبوا لها كل رجاء ؟ ولا بد في هذا الجو المكفهر الذي اشتد به
الخطب وعظم به المصاب أن نستدل ونهتدي بكتاب الله وسنة رسوله إذ كل سبيل سواهما
سبيل ضلال وضياع ، حيث قال :" ... وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..."(الأنعام:153)،وسبيله: صراطه المستقيم الذي هو
أقصر الطرق إليه سبحانه، إذ قال e :"
تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما
كتاب الله وسنة رسوله." أخرجه/ مالك والتبريزي وابن عبد البر وغيرهم
وأشار العلماء إليه بالصحة .
ألمسألة
السادسة:معرفة الفضل لأهله وحثهم على مواصلة جهد المصالحة لإنقاذ أهلهم وإخوانهم
في فلسطين.
هذا !!
والواجب الشرعي يقتضي ؛ أن نذكر لأهل الفضل فضلهم , لأن رسول الله e : " من صنع إليكم معروفا فكافئوه , -
أحسنوا إليه ولا تجحدوه - فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد
كافئتموه " أخرجه/ أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم , وقال رسول الله
أيضا: " من صنع إليه معروفاً فليقل جزاك الله خيراً " أخرجه/ الزبيدي
وهو كذلك عند الترمذي وابن حبان والطبراني بلفظ فيه اختلاف ، فجزى الله كل من سعى
لإنجاز مصالحة أهل فلسطين أو يسر سبيل الوصول إليها وذلك كما قال e :" من
دال على خير فله مثل أجر فاعله " أخرجه/ عبد الرزّاق وأحمد ومسلم والترمذي
والطبراني وعند أحمد والطبراني وغيرهم وهم كثير أيضاً بلفظ :" الدّال على
الخير كفاعله " , ونحن بدورنا نذكر لأهلنا وإخواننا فضلهم وليخسأ الخاسئون
ممن ضلوا وأضلوا الذين ذكرهم رسول الله e بقوله :
" إن الله لا ينزع العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن ينتزعه بقبض العلماء
فإذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤساء جهّالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "
أخرجه/ البخاري وغيره .
ومن هنا !!
نذكر لأهلنا وإخواننا في المملكة العربية السعودية شعورهم بحالنا ومصابنا في أرض
الرباط فلسطين أرض الإسراء والمعراج أرض المسجد الأقصى ألذي بارك الله حوله حينما
سارعوا لاستضافة أهل فلسطين لإصلاح ذات بينهم التزاماً بأمر ربهم وطاعةً لنبيّهم
في عاصمة المسلمين الروحيّة وقبلتهم الدّينيّة فجزاهم الله عنّا خيراً ,وكذلك
أهلنا وإخواننا في اليمن السعيد , وكذا كل من كان هذا سبيله , أما أهلنا وإخواننا
في كنانة الله في أرضه مصر الخير عز الإسلام وعمود فسطاطه وقوة المسلمين وغيظ
أعدائه على مر الزمان الذين استضافوا أهل فلسطين لإصلاح ذات بينهم في قاهرة المعز
بأزهرها العتيد ورأيها الرشيد ولا زال دورهم موصولاً وجهدم مشكوراً وحرصهم على
شعبنا الفلسطيني على مدى سني محنته منشوراً ودفاعهم عن قضيته وقضايا العرب
والمسلمين بكل عناد وإصرار وأنفة معلوماً فنأمل لمصر أن يحقق الله بها لشعبنا أمل
النصر وزوال العسر وجمع المصر فهي كما عهدناها لذلك أهلاً , بل هي الكبيرة دائماً
وفي أمثالنا: "المعون الواسع بياخد الضيق" فلا تبتأس مصر بما كانوا
يمكرون , ذلك لأن الله تعالى يقول :" ... وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ
إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ
لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً "
(فاطر:43) وما قام به الإنقساميون في غزة من نقض الذي أبرم ليس بجديد بل هو الذي
فعلوه أول مرّة وحال دون بلوغ المرام وتحقيق الأحلام وإنجاز الالتئام والوصول إلى
الوئام وإخراج هذا الشعب من نفق اللاسلم و اللاسلام إلى السلم والسلام ومن أنفاق
النفاق السياسي والروحي إلى السلم الأهلي والأمن الاجتماعي فبدل أن يكون عزيزاً
كريماً – كما قال الإنقساميّون في حق الجندي شاليط : إنه يعيش في غزة بكرامة ؛
وذلك ما يطلبه أهل غزة من الإنقساميّن !!! أم يحرم عندهم حتى طلب المساواة ؟!– قوي
الشكيمة والعزيمة آثر الإنقساميّون بل وحرصوا على إبقاء هذا الشعب خلف بطاقات
التموين وكوبونات الحاجة والاستجداء في شوارع القطاع لاهثاً وعلى أبواب مؤسساته
وشبابيكه متسولاً ، ولا أدري ماذا سيكون جوابهم إذا ما علموا أن حال من يناصبوننا
العداء المحتلين ينطق بلسان غولدا مائير رئيسة وزرائهم في حينه قائلاً :"
صنفان من أبناء شعبي لا أطيق النظر إلى وجوههم الثكالى والعاطلين عن العمل "
,والله قد كفى هذا الشعب أيها المتسلطون إذلالاً فشعبنا أعظم وأنبل من ذلك وقد قيل
:"ارحموا عزيز قوم ذل" ، فماذا عسى أن تنطق ألسنتكم أيها المتشدقون
بالإسلام والحرص على أمته كما قدمنا فبدل أن يجلب له العفة والعفاف وهدوء البال ,
وإغنائه عن ذل المسألة والسؤال , وإبعاده عن شماتة الأعداء , ودرك الشقاء ,
وإغراقه في أوحال البؤس والبلاء , بدل إنقاذه إلى بر النجاء , فهذا هو الحال لشعب
غزة بفلسطين أيها العقلاء , ولا حول ولا قوة إلّا بالله .
ألمسألة
السابعة : أن يأخذ الناس دينهم عمن يخشون ربهم ويتقونه ولا يأخذونه عن غيرهم .
فمن منطلق
الإقرار بالفرض الحتمي والواجب الديني والطاعة للأمر الرباني والنبوي : أُوصي نفسي
و من يجلس من الناس مجلس الفتا أن يتقي الله تعالى في فتواه وليعلم عمن ينوب فيها
إنه ينوب عن ربه ومولاه الذي خلقه وسواه ؛ هذا من وجه ,ومن آخر: يجب أن نرفض وبشدة
ومن منطلق ديننا الحنيف أن يطالعنا البعض بفتى تخدم جماعته وحزبه ولا تخدم دينه
وأمته ووطنه ، بل ونطلب إلى كل من يتدخل بسوء في شأن أهل فلسطين أن يكف عن تدخله
وأن يحقق هو أولا آمال شعبه التي قصّر فيها بدل أن ينصح الآخرين بذلك وينسى نفسه
خاصة وأرضه محتلة وشعبه يئن من تسلطه وقمعه هذا من وجه , ومن آخر: كفى ذلك النّصوح
نصحاً و مفاخرة بأمجاد غيره كفاه أضواء وسائل الإعلام لأنه والحال كذلك أجمل وأنيق
رجل من المئة (100) المعدودة لعام 2009 في العالم بل هو بطل الوطن والوطنية لبلده
والعالم العربي , كالقرعة- ليس لها شعر- تفاخر بشعر بنت أختها , ومن ثالث : إن
تدخله في شئون غيره لم يكن لله وإنما للفتنة وإطالة أمد الفرقة وليشغل شعبه
ويلهّيه بقضايا غيره – وهناك ما يمكن
قوله غير ذلك- فليتركنا وشأننا بل وليدعنا ودابتنا ألتي انفلتت فنحن أعلم كيف
نردها , وليتق الله ربه إن كان يعرفه ويأخذ بقول النبي الرسول محمّد e :" ...
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت "أخرجه/ أحمد والبخاري
ومسلم والترمذي والبزار , وفي رواية عند الطبراني:" ... فليقل حقا أو ليسكت
"
بل وكيف نترك
أمر الله ورسوله بالمصالحة حيث قال تعالى :"… وَالصُّلْحُ خَيْرٌ…"
(النساء:128) ، وقال :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الحجرات:10) ،
وقال e :"... ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها تصلح بين
الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا " وتقدم ، بل وهذا ما دعى إليه
عمرy أبا موسى y في كتاب
التكليف لمّا أرسله إلى العراق عاملاً:" ...عليك بالإصلاح بين الناس ما لم
يتبين لك القضاء..."؟!وبعد ذلك كله أنترك ذلك الذي جمع الخير من
أطرافه؟!وتعارف أهل الخير على أوصافه, ونأخذ بما جمع الشر من أطرافه؛من الفتا
المحلية والمستوردة لأولئك الأشرار الذين لا يتقون الله U ,أللهم لا
؟!. قال الشاعر:
فكم من فتى يعجب
الناظرين * * * له ألسـن ولـه أوجـه
يـنام إذا حضـر المكرمات * * *
وعنـد الدّنـاءة يستنبـه
وقال آخـر: فإني رأيت غـواة الرجـال * * *
لايـدعون أديماً صحيحا
أللهم إني بلغت فاللهم اشهد ، أللهم إني بلغت فاللهم
اشهد ، أللهم إني بلغت فاللهم اشهد .
Social Link