الشعب المقال في غزة


تتقاذف الرياح كل شي في غزة حتى سهولها وتلالها, مسها التصحر, فتقشف وجهها؛ فلا حرث يصلحها, ولا زرع يخضرها, فامتنع من سمرها نظم القوافي، وما فيها إلا صدى أصوات بالليل تتنادي فيها الأشباح من كل صوب، إلبسوا ثوب الضأن من اللين, أقيلوا الشعب, وحافظوا على عرى التفرق والأنين, لتبرق وسط كهرباء مقطوعة كسهام من الهم والإبر السامة، لا يجوز بالقطع والجزم والحزم أن يعبر أحد عن رؤيته لدولته, وإلا فستجمع كل القيادات التي ولدت في حقبة الخذلان "إلا من عصم", لتتخذ بحقه كل الإجراءات العقابية؛ لان كلمة الحق ثقيلة ومؤلمة، سواء في غزة أو الضفة, فلا يحب ولا يطاق من نطق بها ولا أن يسمعها, ليقول يوم أن يتفرق الجمع من حوله أو يقع في قبضة العدل وحيداً لم اسمع, ومن يعلم يقول في دعواه إن دعوة المظلوم لو غفلنا عنها تردي بالظالم في غياهب الدنيا والآخرة, فيا حسرة عليكم قومي، فمن حرصنا على أن يبقى شعبنا رغم كل ما فتنوه به ينادي ويناجي أولي الألباب, تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم، ننقذ قوس قزح والوانة من عصف الريح, ومرروا طعمها بطعم العلقم من حرارة الصيف، تدور بنا الأيام وكأنها ساقية ليس بدواليبها سوى طين بدل المياه, وكلها سنوات عجاف، تأكل مما تبيع من ذهب النضال ، ويذهب أيضاً الربح ورأس المال حيث ينهبه القطاع العام ورجال الأعمال, لا يبقى من قوت الشعب أيّ طعام, فلا بد للحاكمين من خزينة الدولة كل ترف ما يلزم الأحباب، ولو كان لهم به سوء العذاب, فليمنع الفقراء رزقهم ويدفع للشعراء, ويحارب من يمسح على رؤوسهم ليشعروا بالأمن والاطمئنان، تجن العقول من مناظر الإدبار ، وصدى الكلمات في الكون ممزقة يمنعه ويحجبه أذلة وأقزام ، وقواد يغردون في مدار الجدي تارة, وأخرى في مدار السرطان, ولحنهم مريض كأفكارهم ومن حولهم كخريف عمرهم وتزويق سلطانهم بترنيمات وترتيلات في غاية الخسران، قدر لا مفر منة إلا بإذن الله ، سأنثر كلماتي في الفضاء وقد تعود إليّ إن عادت مهلهلة مبهدلة مما أصابها, قائلة: أهنتني لما كتبتني إليهم, عد ياصاحي إلي مكتبك وأعد تريب حروفي, واكتب إن الملك لو دام لأحد لدام للغابرين في الزمان, وأولى بذلك نبينا العدنان, ومن قبله نبي الله سليمان, الذي كانت تجري الرياح لأمره، وخر له بالسجود الجان, على نبينا وعليه السلام, فلا تيأس شعبنا وكن كأولى العزم ممن ملئوا الدنيا عدلا وإحسان, واصبر وأعلم أن الظالمين إلى غياهب النسيان, واعلم أن الدولاب يدور وعندها ستغرد الطيور بالفجر, وترقص الأشجار, وتغني يا ابن الأكرمين هاهم الفقراء قد متعوا أعينهم بعبر الزمان, مثل الذر من النمل تبني بيوتها وتملؤها بالحب من كل بذر ومنها بذور الريحان، وتخط على الصخر بآثارها سطوراً محتومة قدرية أن ليل الظالمين وإن طال فأن أوانهم بالرحيل قد آن, اهتف يازمان, اهتف يازمان, اهتف يا زمان