ألسنة لهب وعمود دخان

إن
ذاك المنزل الذي دمره المحتل المجرم فهو حجر في الفضاء تناثر , وألسنة لهب في
السماء تصاعد ، وبقية حلم تطير , أيعتقد انه حجر لا يتأثر ؟؟! , كلا وألف كلا !!
إنه بشر يحمل في عمود دخانه أرواحا بريئة ، تتساقط , فهناك طفل نائم يضحك إذ هو لا
زال يحلم بتلك اللعبة ، التي طالما تمناها حلما ويقظة , فتارة يبكي فتهرع إليه أمه
لتهدئ من روعه ، وأخرى ذاك بيت أخيه الحي الذي تجولت بداخله أمانيه وخواطره ويشخبط
بطبشورته على حائط أفكاره ويلعب بدراجته فرحا بها ينتظر رجوع والده الذي خرج يحمل
شهادة حب وطنه بين أضلعه , وروحه على راحته ، يقول فداك نفسي ياوطني وأهلي ومالي
وولدي وينشد أغاني الفداء ، يخبر الدنيا بأنه خارج من أجل الأرض التي رويت عروقه
بمائها ، وبنت عظامه أغذيته ، وترى بريقا من اللآلئ على وجنتيه التي شقت طريقها
على وجهه الشاحب من رواسب الزمان ، يقولا إن الأمر لله من قبل ومن بعد ؛ فينطلق
فرحا بدعوة والدته التي ودعته متلفعة بمرط الفرح لفلذة كبدها ، غير متلعثمة في
وداعها له أنها تعلم أنه ذاهب قد لا يرجع مرة أخرى . فالجميع ينظر السماء ويناجي
من فيها بأن يحفظ من تبقى .
ألا
تعلم أنت أن هذا العدو لا يفرق بين الحجر أو الشجر ، ألا ترى أنه يقتلع أشجار
مباركة ويفسد فيها محصولها ويحرق كبارها ولا يتورع عن إيذاء أطفالها ونسائها ، وأخرج
إخوة من ديارهم كانوا آمنين بها وهجرهم
وشتت الأحباب وباعد بينهم المسافات فلا شوق يقربها ولا سفينة أمل تصلها ولا دمعة
حنين تزرفها مآق جفت .
فانتظر
، فالفرج قد سطر لمن يصبر ؛ فلا تحزن , ولعل معجزة من بين هذا كله تنبت برعما عما
قريب يصلب ، فيخبرك بأن فلسطين على العدوان عصية ، وأن قضيتي وهويتي ورايتي وأرضي هي
القضية , وأن قدسي ليس فيها مجال للدنية , وأن المحتل حتما عنها سيجلي , وأن كرامة
الوطن هي أم الكرامات وقضيته هي القضية , سأسطر ذلك على جدران قلبي وبيتي ؛ فإن
سال دمي , وتناثرت حجارته , تناثرت القضية , فملأت سائر أرضه ؛ بحاراته وشوارعه
وأزقته , فكان الوطن بكله أغنية أبدية , يرددها كل المجاهدين من أجل فلسطين الأبية
, فلا وألف لا لتجار القضية ؛ يا فلسطين الأبية , يا فلسطين الأبية , يا فلسطين
الأبية
د. أسامة
محمد أبوجامع - غزة
ناشط
شبابي وسياسي - محاضر جامعي
Dr.osama@hotmail.com
Social Link