الكاتب : د. أسامة أبوجامع
غزة - فلسطين
نقطة تحول وانتخابات ومستقبل
لقد مر شعبنا الفلسطيني المكافح بمراحل متعددة وكان منها ما هو مفصلي في تكوين الشخصية الفلسطينية الوطنية التحررية ومنها ما هو دافع ومحرك لذلك وأولى هذه المفاصل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية التي تربعت على عرشها حركة فتح وقبضت عليها بيدها فأحكمت سيطرتها فلا مباغت لها ولامنازع كحال أي نظام عربي معاصر والتي وقعت علي يد الراحل ياسر عرفات اتفاق أوسلو بعد مخاض عسير والذي أنشئت بموجبة السلطة الفلسطينية وهنا أطل المفصل الثاني الذي بمقتضاه كانت الأجهزة المختلفة "الشرطة – الأمن الوطني – والأجهزة الأمنية "المخابرات , الأمن الوقائي".....الخ بل وتشكلت حكومة فلسطينية وأنشأت الوزارات المختلفة كل ذلك كان له الأثر الكبير على النفسية الفلسطينية التي شعرت بأنها ولدت من جديد وتتهجه نحو التحرر الآكد إلا أن النكسات والانتكاسات عصفت بذلك المفصل حيث أن ما أصاب السلطة من وهن إلا لما فسد وكذا تنازع الأمر بين الساسة الفلسطينيين في قيادة الانتفاضة ومسارها وإستراتيجيتها فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا بالكيد تارة وبالتخوين أخرى ، بالإضافة إلي تقطيع أوصال الوطن المرابط المكافح والقتل المتعمد من الاحتلال والحصار وشن الحروب العادية ، ومراهنة الاحتلال على عقم المفكر الحزبي الفلسطيني وما يسعى إليه الاحتلال من كسب للوقت وبين هذا وذاك كانت انتخابات 2005 م التي سطرت مفصلا آخر ومفهوما جديدا بلور فكرا نيرا على الساحة الفلسطينية والتي دخلت بمقتضاه حركات فلسطينية معارضة السلطة وفوزها بالأغلبية مما سنح لها بتشكيل الحكومة ، لكن لم تكن هناك الجاهزية الكاملة في العقل السياسي الفلسطيني لتقبل الآخر وكذلك قبول فكرة التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ، فكان ما كان من أحداث عصفت بالمجتمع وانحدرت بثقافته في انحطاط وترد واضح للعيان ، فتعالت أصوات مفكري الوطن وكأنها وسط بئر عميق لا نهاية له ، أو واد سحيق لا سامع للصوت فيه ولكن هيهات هيهات لا حياة لمن تنادي ، إذ تباغضت القلوب وتباعدت وتقطعت الأواصر وعميت الأبصار وانطلقت الألسن وخاضت بالإفك في ذاتها قبل غيرها وشطت العقول بأفكارها فلا القلوب ولا الأواصر ولا الأبصار ولا الألسن لا دم يجمعها ولا دين يوحدها ولا لغة ينطق بها فيفهمها العقل ويفهمها ، والاحتلال جاثم يبصرها كالثعلب الماكر ينتظر الغفلة ممن هو آكلها يستعد لفرح لما يصيرها ، إنها الغمامة التي أغشت أنظارها وأصمت أسماع القلوب قبل رؤوسها ووسط الضباب الكثيف ، أهدرت مقدراتها وأضاعت آلافا من أعمار شباب الوطن في ظل محاولات شتى لخداع العقول بكمائن الكيد والمكر فضلت في بعض الأحيان أو خضعت ... " فلاحول ولا قوة إلا بالله" في حقبة هي الأسوأ في تاريخ قضيتنا .
ووسط العجاج والدخن والشبورة تظهر لنا بشائر الخير بعد مشوار طويل وبعد مسير وقلة زاد ووحشة طريق تؤشر لنا تلك البشائر أن هناك مفصل جديد قد يكون الأفضل إذا ما صدقت النوايا ليتحقق للأمة والوطن صدق رؤىً فالانتخابات قادمة والمشهد قد يشهد إما لك وإما عليك والتي إذا ما أحسنت الفصائل الفلسطينية تصرفها اتجاهها وامتلكت المسؤولية العالية في اختيارها لمرشحيها فتكون الأمة والوطن ديدن تقديرها وأس اهتمامها بل لعلها تنصف شعبها وأتباعها وما ذلك إلا لبناء فكر وثقافة ووعي تعزز به القيم لدي أبناء شعبها الفلسطيني الذي اضطرب فكره وشوه محتويات ثقافته واضحل وعيه فتنقله نحو مستقبل أفضل له وللأجيال القادمة ، وقد تحرر من عقدة أن الفكر الإنساني محصور في عقل شخص واحد يملكه انتماء جهوي أو لآخرين لايمتلكون حتى حق الكلام ، ومعرفة الإمساك بالأقلام ولا يؤمن إلا بما يراه في الأحلام وأؤكد بأنها كانت عقدة الماضي ولا زالت حال الحاضر ، لذا على الجميع أن يمتلك ما يكفى من الشجاعة والحكمة لاختيار الأفضل لهذا الشعب المصاب بالقريب والبعيد لأنها مرحلة تأسيس سترسي أركان ودعائم المستقبل كاملا فلا مجال للواسطة أو المحسوبية وان هذا حوت وذاك سمكة قرش حادة الطباع تلتهم دون إتباع وآخر سمكة سردين لا تملك من أمرها أيّ شيء ولا تسمع لها إذا ما التهمت أنين وعنده ظن انه مخلدٌ من بين الخلائق في العالمين ، فهذا هو شر البلاء المبين وتكريس لسلطة الظالمين طال أمده للعباد والبلاد فإلى الله المشتكى رب العالمين ولعلها إزالة لآخر بقعة سوداء في الجبين ، أما أنا وأنت فننشد الحكماء ، ونناشد العقلاء بان لا تهمش الكفاءات ولا الشباب فهم عود يافع ويانع بل ومستقبل باسم يحلم به ويطمح إليه كل ذي عقل رشيد وهم عماد شعبهم وحاملوا لوائه المجيد وبناة وطنهم العتيد .
Social Link